أناي الحبيبة
كل عام وأنا بخير .. وأنا معك مثلما نحن وأفضل
كان اليوم عيد مولدنا ، لو أنك تصدقين !
الأول بعيداً عن وجه أمي وأبي وكل من أحب ..
لم أشعر به ، لا أشعر بأي شيء، يطير بي فضاء هلامي من الفراغ
الضغط الأخير كان عنيفاً ، ولا تزال آخر قوافله تتمدد على أعصابي وخيالاتي ..
لا بأس ..
كم من الأعوام مرت علينا يا هذه ؟
كم من الليالي؟ كم من الجنون ؟
كم من الدوائر اللامنتهية والحماقات .. كم من الكبوات عشنا!
وكم من الفرح!
أكثر من أن نحصي أو ندرك ..
وأصعب من أن نستطيع سرده على ورق ..
لا زلتُ ولا زلتِ ، إذا ما تساءلنا نظن أننا لا زلنا ، هناك .. حيث كنا
لكننا لسنا .. يا عزيزتي ، أبداً!
لا أنكر أن الليل لا زال يهطل على جثته الكبيرة ، وأنه لا يزال يعصرها كل ليلة على قلبي ودماغي الصغير
لكن السدود التي كنا نعول عليها يا حبيبة، فاضت وأغرقتنا!
وهذه الكتابة ، منقذنا الخارق!
تركتنا في قاعٍ بعيد وسافرت بكل ما كنا لسماءٍ لا نعرف عنها شيئاً ولا تتذكرنا فيها
تركتنا في القاع المظلم نتلمس الصخر البارد بأصابع دامية وبصيرةٍ مثقوبة
أذكر حين كنت أقول لصديقتي أن بصيرتي كشبكة صياد يرميها للبحر ولا تعانقها حتى صغار الأسماك
لأنه حين ظن أنها ستحيط له بالحوت أتلفها ، لكن أي حوت أتلف بصيرتي؟
وأي بحرٍ هذا رميتها فيه!
ولماذا ترحل الكتابة يا صغيرة؟
ولماذا حين ترحل لا تأخذ معها النار التي أضرمتها والخنجر التي غرستها!
ولماذا نرسم وجهها على الجدار والمرايا !
ونصنع لها التحف والصوامع .. وهتافات الولاء!
هل قتلناها فزهقت؟
ولماذا نكترث !
..
اليوم كان ميلادنا إذن .. على هذه الأرض الميتة نعيشه ، بالقرب من مقابر الجنود وأشجار الحديقة
وحيث لا تنام العصافير ..
وتلبس الأرض كل يوم ملايين الأمزجة، تخلع عنها طقوسها كأميرة مدللة غرها الوهم ولا تسأم!
وعشناه وحدنا ، كما جئناه ، ننظر حولنا بعيون وجلة كما أتيناه ..
لكننا هذه المرة لم نصرخ ولم نركل ولم نبكي .. فحبل البكاء مربوط من منتصفه
وعقدته غصة لا تبيح الدموع ..
لن نبكي .. لا سبب أيضاً يستوجب البكاء ..
كل عام ونحن للخلاص أقرب!
No comments:
Post a Comment