Sunday, September 4, 2011

عيد


صباح الخير عالمي الجميل

صباح الخير لذاتي التي اشتقت ، صباح الخير لكل شيء جميل !

ولكل شيء يشتاق أن يكون جميلا!

صباح العيد .. وثوبي الأحمر الذي يُكوى بقربي

صباح الأرواح التي اشتقت إليها .. وصباح الكتابة ..

الكتابة التي كان يتم تأجيلها يوماً بعد يوم ، وتذهب طاقتها لأشياء أخرى وتتشتت ، وتغرق في زحام وقتي وحياتي!

أكتب الآن من صحار ، في عطلة العيد ويومه الثاني ، والشمس خرجت قبل وقت قصير من قلب البحر الذي لم أعد أسكن بقربه ، ف بيتي بقربه أكلته النار التي شوهت بعض القلوب .. ونافذتي التي كانت تحمل لي صوت البحر ذابت واحترقت وسريري الذي يحمل لي أحلامه تفحم ، ولا شيء من رائحة البحر لي الآن إلا زياراتي القصيرة وما تحمل الريح القادمة من الشرق والشمس التي تخرج كل صباحٍ من قلبه لقلبي أعصر ما علق بها فيه فتشرق بي الحياة وتبتهج ، والحياة يا ورقتي ، جميلة ! رغم كل شيء ..

أكتب الان من بيتنا الجديد في المزرعة ، والنوافذ التي يلبسها الجدار على امتداده تصور لي شجرها وخضرتها ونخلها ، والطير يلهو فوق تربتها اذا ما رمته السماء ،

ودّعنا رمضان قبل الأمس ، وبقي في قلبي حاضراً بروحانيته الدافئة، أفضل رمضانٍ مرّ علي في حياتي ، الأفضل على الإطلاق حتى الآن ، أحببته كثيراً وتمنيت لو أنه يطول ويمتد بنا ولا ينتهي ، لكنه تعلق بدورة القمر وعرج ثانية للسماء ، إلا ما بذر في روحي من نوره!

ولمدة أسبوعين منه ، كانت هديل ، الطفلة الصغيرة في رعايتي ، بسنواتها الثلاث تمسك بملابسي وتمشي خلفي أينما ذهبت ، لحين شفاء أخيها وخروجه من المشفى ، وتناديني عبيرات ، ربما لكثرة ما أحبتني ، ولكثرة ما أحببتها تجمعني جمعاً كثيراً ولا تنتهي !

أحببت وجودها وتعلقها بي ، وضحكها الذي يقتل كدر الهواء في المنزل ويجدد حياته ، أحببت الجدول الزمني الجديد الذي ألزمتني به كل يوم ، وأعتدت زجاجات الحليب وطقوس النوم وأغنيات الطفولة !

وأفتقدها أكثر وأكثر .. ستأتي لزيارتنا اليوم ، بحقيبة العيد التي اخترناها سوياً وسنملؤها لها بالنقود والحلوى وبالكثير من الحب أيضاً .. يضحكني كيف كانت جادة جداً فيما يتعلق بأغراضها وحاجياتها ، يبكيها مجرد التفكير في أخذها منها ، ولما اعتبرتني جزءاً من أغراضها التي لا تمس ، كانت لا تتردد بالقول أنها أمي وأبي واخوتي جميعاً وصديقتي أيضاً وزوجي حتى حين يسألونها ضحكاً ودعابة ! دون أن تسامح من تسوّل له نفسه بالاعتراض أو افتراض غير ذلك!

تتبعثر الحروف على لسانها وتمتزج ، فتخرج الكلمات مقلوبة ومخربشة .. تصمت طويلاً إن استنكر أحدهم حديثها ، وتكتم حنينها لأهلها ولا تبكي .. تنظر للبعيد فقط ، وتصمت!

وقبل هديل كانت هناك صلالة ، ورحلتنا إليها في عشرِ أيامٍ مشبعة بالرذاذ والضباب واللون الأخضر الغني!

وبالكثير من الاسترخاء ، بعيداً عن ازدحام الأيام في مسقط ، عشرة أيام دون قيادة سيارة ودون مشاوير متعبة ودون التزامات مرهقة .. كل ما كان يشغلنا هو صيامنا واجتماعنا معاً ، وساعات طويلة من الألفة والأحاديث السعيدة واللعب !

لرحلة صلالة ، ولبيتنا الجديد في المزرعة ، كثيرٌ من الشكر لوالدي ، كثير من الامتنان وكثير جداً من الحب! الكثير الذي أتمنى أن تطول ذراعي لأجله بامتداد الكون الواسع وتتسع معه ولا تنكمش تصف مقداره وعمقه .. الشكر لقلبه وعينه ورعايته ، وللساعات الطويلة من كل نهار يسعى فيه لأجلنا فقط ، على حساب نفسه وصحته، لا يسأل بعدها من الأجر إلا الفرحة التي تسجلها أعيننا !

الكثير من الشكر والكثير جداً من الحب والتقديس الذي لن ينتهي ، ولا يُنافس!

كنت بحاجة لهذه العطلة كما لن يتخيل أحد ، بدأت العمل أخيراً في الكلية شهر مايو الماضي ، بساعات طويلة من النهار ، تسلبني طاقتي واستعدادي لفعل أي شيء بعدها وبعدها جدول طويل من الالتزامات التي أبعدتني عن كل شيء ، لكنني أحب عملي ، وأحب انشغالي به وتطفله على وقتي بهذا الشكل ، أحب العطاء الذي أبذله للطلاب الذين أرى فيهم أملاً كبيراً .. وأحب أن أكون على قدر هذه المسؤولية .. لا يخلو العمل من ضغط كبير ومن صدمات لا انتهاء لها

صدمات تجرح كل يومٍ في وجه طموحي ، وتوقعاتي .. وتحاول الاطاحة ببأسي وعزيمتي ، تنهش من رأسي خيالاته وأحلامه ، وتزرع في الطريق الكثير من الأشباح الغريبة الأطوار لا هم لها إلا إحباطي ، لكنها تحاول كل ذلك عبثاً ، فما بنيته بداخلي أقوى بكثير وأقدر على الصمود من سوادها .. كل ما يلزمني هو تدبير وقتي بشكل صحيح والصلاة كثيراً ليبارك الله لي فيه

أشتاق للقراءة أيضاً ، لم أقرأ منذ زمن طويل .. منذ بدأت العطلة ، ربما لأنني رغبت أن يكون رمضان بعيداً عن كل شيء وقرأت فيه أشياء أخرى .. لكنني لم أنسها بالتأكيد ، وسأعود لها اليوم .. لكن برواية باللغة الانجليزية للمرة الأولى ، ينبغي لي المحافظة على مهاراتي اللغوية وان كنت لا أميل للانجليزية كثيراً ولا أحبها !

أما الكتابة ، فكتبت .. قصةً لم تنتهي بعد ، آمل حقاً لو أنهيها ، إنجازاً احتسبه لنفسي .. وأحتاج إليه ، ولأبدأ بعدها أخرى تطرق ذهني أيضاً .. لكنني لم أرسم وأخشى كثيراً أن أنسى كيف أفعل!

صحيح! هناك شيء لم أذكره قبلاً! سيارتي !

أخيراً اشتريت لي سيارةً جميلة ، بلون الشوكولاتة اللذيذة .. دافئة وجميلة ، ليست السيارة التي تمنيتها لزمن طويل ، والتي لا أزال أحبها لدرجة أنني كنت أخبرهم بأن قلبي يقفز من مكانه كلما رأيتها ووجدها الجميع غير مناسبة لي ، وككل مرة أميل لرأي والدي وأرجحه ، فأحببت سيارتي هذه أيضاً ، رغم أنني كثيراً ما أشبهها بالزواج التقليدي ، أحبها لأنها تؤمن لي حاجاتي برضى وحب ، تشعرني بالراحة وتملأ لي وقتي ! ولو أنها لم تفعل لم أحبها ولم ألتزم بها ! بعكس الأخرى

لكنها الحياة اعتدنا منها أن تفرض علينا احتمالاتها هي ورغباتها ، واعتدنا أن نكيف أنفسنا على ما تشاء .. أما هل قنعني هذا فلا .. وهل يرضيني فبالطبع لا .. ولا سأرضخ له دوماً فألف ألف لا ..

رغم أنف الحياة ، نكون ما نشاء ..

07:38

1 سبتمبر 2011

صحار !

في الصورة:

ابن أختي المؤيد صباح العيد