Friday, May 28, 2010

أثاري الحب يتبعنا


أديت اليوم رابع اختبارات هذا الفصل وهو الاختبار قبل الأخير

أشعر بكثير من الانهاك .. لم أنم أكثر من ثلاث ساعات تقريبا نوماً قلقاً مغلفاً بكلمات كثيرة تغلف أحلامي

كنت أرى مسقط بشوارعها ومواقعها التي أحب تغلفها سماء من كلمات عن أكسدة الدهون ومضادات الأكسدة والتي واظبت على إيقاظي كل نصف ساعة للتحقق من الساعة .. كنت قد قررت النوم ثلاث ساعات ونمت ساعة ونصف منها فقط!

رأيت منزلاً طائراً في السماء .. كما كان أخي يقود بسرعة سيارةً ربحت مثلها لا أدري كيف!

استيقظت بكثير من الوهن، لم يفلح الماء المنسكب بقوة على رأسي ولا فطوري ولا حتى فنجان القهوة التي لا أحب في تسريب بعض النور لأزقتي الغارقة في النعاس

قرأت الفصول التي تمنيت لو أصادفها في ورقة الاختبار اليوم وارتميت على السرير أستجدي ساعة أخرى!

تقلبت نصف ساعة وسط قلق يدير كهرباءه المزعجة من معدتي ثم نمت! وبعد ساعة صحوت كمن أزهقت روحه إلا ما علق بين زوايا بعيدة من رأسه يحاول بها تلمس الاشكال والاشياء!

عدت للقراءة وأنا أرى الورق يتنفس أمامي والكلمات تكبر وتصغر وترقص!

لم يكن وقتا مناسبا للعبك أيها الورق! تجاهلتك وقرأت .. طويلا .. وأنا على يقين أنني قد لا أذكر ثلاثة أرباع المكتوب ساعة الاختبار

كنت قلقة من أن تنهار قوتي تماماً حتى وقت الآداء .. ارتديت ملابسي قبل ساعة ونصف من موعده وخرجت

الشمس في السماء تأكل حبات الفوشار الضخمة بعشوائية وتبعثرها في كل مكان .. حتى انها نسيت أن تسدل دفئها ليطول شيئا من أنفاسنا المرتجفة

الطريق طويلة .. أمسك بأوراقي ولا أقوى على قرائتها .. شعرت بالعطش .. ترددت ثم عطفت على البقالة وابتعت الماء.. كان بارداً أيضا فوضعته في الحقيبة ومشيت

اجتزت اشارات المرور وأكملت طريقي .. كان الطلبة يتحدثون عن نهاية الفصل وسفرهم الطويل البعيد حتى العام القادم ! فرحين بالصيف سمعتهم ورأيتهم .. ولم أستطع أن أجاري شعورهم ذاك

كان اختباري ينتظرني .. وبعده سلسلة من الأعمال تقيدني بعيداً عن العطلة الصيفية ككل عام من سنواتي الدراسية منذ الأزل

هذا هو صيفي الاول في حياتي أرتبط فيه بالدراسة .. وأقضيه ككل الأشهر الماضية بعيداً عن حرارة صيفي ورائحته

لكنني راضية .. لست سعيدة به لكن لا أتذمر .. فلابد ستسوق الأيام القادمة مغامرات جديدة ، قد لا تكرر!

..

على أساس الخريطة التي رأيتها البارحة ، مشيت ، ووجدت المبنى أخيرا .. من فوائد اختبارات نهاية الفصل تعريفنا على أماكن جديدة في الجامعة التي لا أشعر بالانتماء إليها حتى الآن وانا في نهاية العام!

بحثت عن كرسي قريب وجلست .. الريح تعصف حبالاً من البرد تلتف حول عنقي ومتنفسي وأصابعي التي تخدرت

ذكرني الطقس بالجبل الأخضر في الشتاء!

فككت أوراقي وراجعتها .. كنت قد وضعت في ذهني سؤالين أريدهما أن يكونا أول ما تصادف عيني في ورقة الاختبار .. وأعلم أنه تصرف أحمق .. وأعلم أيضاً أنني دائماً سأواجه الأسئلة التي أحضر لها أقل التحضير !!

ومع هذا تجاهلت رسائل التحذير المتلاحقة من ضميري .. كنت متعبة ولم أرد مراجعة شيء يكلف دماغي جهداً إضافيا .. وبعد ساعة تقريبا دخلت القاعة

رميت بحقيبتي ومعطفي في أحد أركانها وتوجهت للكرسي .. رأيت زميلتي العمانية .. بدت قلقة وشاحبة .. قالت بأنها متعبة بعض الشيء ..

هذه الأوراق الصغيرة المقلوبة على الطاولات أمامنا تحيل نهايات الفصول إلى حجيم أصفر يطفح من وجوهنا!

جلست ولم أتذكر حتى أن أذكر اسم ربي او أدعو باي شي .. انشغلت بتعبئة بياناتي ثم حان الوقت لأقلبها!

ولسروري العظيم ، وجدت السؤالين اللذين أردتهما بين الأسئلة!

واستغرقت الساعة والنصف كلها في الكتابة .. وخرجت كأنني حللت مشاكل الكرة الخضراء ورتقت الأوزون!

أشعر بالسماء ترسل غيومها لتمهد لي الأرض سجاداً أبيضاً وتغني لي تراتيل جميلة تمسح عن قلبي آثار الاختبارات الأولى

وضعت سماعة أذني ليبادر عبدالمجيد بقوله "بريحك مني خلاص وأغيب عن عينك" !

ضحكت ، وكأنه يغنيها على لسان اختباري!

رائحة الجو ذكرتني بالقاهرة .. ولا أدري لماذا تلاحقني المدن التي أحب هنا!

تارة أشعر بطقس المدينة يشدني إلى سهول صلالة وجلساتنا العائلية وتارة إلى القاهرة وأحيانا إلى بيروت

واليوم أحضر لي الجبل الأخضر!

وكما غنى ساعتها مجيد أيضا "اثاري الحب يتعبنا"

لا يمكننا أبداً أن نتخلص من الأوطان التي تنسج أرواحنا بل إنها ستظل تحلق أمامنا دائماً لتحط قبلنا في كل وجهة نتوجهها

كنت أفكر بهذا حين رأيت لافتة المحل العربي فدخلته لأشتري خبزاً عربياً مستديرا وكبيراً!

اشتهيت تناوله مع أطباق كثيرة .. قد لا أعد منها شيئا

ثم عرجت على محل بعده لسحب بعض النقود وشراء الفواكه والبيض والحلويات! يحق لي أن أحتفل بعد كل شيء

الطيور هنا لا تكف عن الغناء .. حتى انها نافستني في ذلك! طوال الليل والنهار ..

رافقتني حتى عودتي .. لكنني لم أتذمر .. لم يكن ظرفاً يسمح إلا بالفرح والاحتفال ..

رأيت أطفالاً أيضاً والكثير من المارة .. بعضهم يلسعه الطقس مثلي فيتدثر منه .. والبعض الأخر يبيح له كل شيء! وأعجب جداً لهذا البعض وكأني بأجسادهم تعمل بطاقة من نوع آخر فترسم عازلاً بينها وبين الصقيع

شددت معطفي علي أكثر ومشيت .. ووصلت أخيرا .. وغرفتي تغرق في أكوام من الورق وزوابع من الكتب

وضعت البيض في الثلاجة .. تناولت تفاحة وحلوى .. وأظنني وطويلاً جداً ..

سأنام !!

16:22

28 مايو 2010


Tuesday, May 25, 2010

إحباط


مساء الخير .. !

كان نوماً غريبا .. عميقا في شكله مزعجاً في نوعه

رأيت أحلاماً كثيرة .. رأيت جارةً عجوز من القرية ترتدي ثوباً أبيض ولم أكن رأيتها منذ طفولتي .. تشتكي مجالس الأمهات في المدارس وكيف أنها لا تتحدث إلا عن نظرية تسلسل الطاقة!

رأيت أعمامي وبنات العائلة وأخي !

رأيت أختي تزورني هنا .. ورأيت أسراباً من النحل تلاحقني في منزلنا القديم ومنزلنا في القرية

وحيث اختبئت تخرج لي!

لكنها لم تتمكن من إيذائي .. حين صحوت .. فكرت ، لو أنها غرست خناجرها الصغيرة في جسدي كله!

لعله يتنفس للحظة ويزفر من نوافذها الفضاء الحامض المتكدس فيني بيني!

لعل شيئاً من برودة السماء تتسرب للداخل

أو علّ موتاً رحيماً توصله حمى سمها .. لكنني كنت أهرب منها في المنام .. !

...

رغم كل محاولاتي لجعل تجربة وجودي هنا مثرية إيجابياً إلا أنها لا تنفك تتلف مني أكثر مما تبني

تبذر ربيع الأرض احباطاً وكآبةً جديدة كل يوم .. وأشعر اليوم بلفافةٍ من الوهن تلفني كـ كفن

أتشرنق بينها بخنوع تام .. ولا أبالي

ولا أدري بأي شكل سأعود إليك يا أمي !

...

خرجت في مشوار للمصرف ، استعجلته عمداً عل شيئاً يصادف دماغي فيربك ركوده

أو يبث لروحي سبباً من الموسيقى

تمنيته طقساً صيفياً كما كان بالأمس ، لكن درجة الحرارة هبطت فجأة اثنتي عشرة درجة خلال أربعٍ وعشرين ساعة !

تساءلت .. هل لا زالت الطبيعة تتآمر مع مشاعري وأفكاري .. أم أنها صارت تتآمر عليها!

المقبرة المجاروة تكتظ بالزائرين لكنيستها اليوم على غير العادة

أشجارها الكبيرة تغريني بأراجيح تتدلى على شواهدها

عدا ذلك .. كل الجثث المارة لم تفح منها أية رائحة ..

ولم تشي بأي شيء

16:48

25 مايو 2010


Wednesday, May 19, 2010

zzzzzzzzzzzz

بدأوا بمعاينة غرفتي منذ الأسبوع الماضي

فعقدي لم يتبق على انتهاءه أكثر من شهر وعشرة ايام تقريباً .. تزعجني زيارات المعاينة .. فهي تشعرك بأن الشيء الوحيد الذي كنت تظن بأنه يخصك هنا ليس كذلك أبداً!

يأتون جماعات ليراقبوا الجدران والمطبخ والأثاث ، يسألون عن التدفئة والماء .. ويجولون بأعينهم حول كتبي وأشيائي ثم ينصرفون .. معاينة اليوم ستكون الثالثة

صحوت اليوم متعبة بعض الشيء وكان علي أن أنظف المكان وأبعد ما لا أريد أن يكون جزءً من المعروض

لأرتب غرفتي علي دائماً أن أبعثرها أولاً!! ولا أدري لماذا أفعل هذا .. كنت قد فتحت النوافذ رغم أن لا تفتح إلا جزئياً - بابها ينزلق مساحة صغيرة لا تسع يدي للخروج!

أملت أن يتجدد الهواء وتسري بعض برودة الطقس للداخل ..

لكن كل شيء يبدو ساكناً هناك .. وأوراق الأشجار لا تنبض أبداً

وعوضاً عن الهواء المنعش الذي أملت ، كل ما جاءني كان نحلة سوداء ضخمة!!

سمعت طنينها قبلها ، لا أخفيكم .. أشعر بخوف من الحشرات التي تملك القدرة على إيذائي!

أكره العناكب على وجوه الخصوص وكذلك الزواحف كالأفاعي ، وأكره حتى تخيل العقرب!

ساعة رأيت النحلة هربت إلى دورة المياه فهو المكان الوحيد الذي يمكن أن أختبئ فيه .. هاتفي على الطاولة قرب النافذة ولا أعرف أحداً هنا .. ولم أكن في وضع يسمح لي بالخروج من الغرفة !

كنت أسمع طنينها الشرير بوضوح حتى أنني تخيلت أن سرباً طويلا من النحل تبعها لغرفتي !

ثم هدأ الصوت .. انتظرت قليلا وخرجت .. بحثت بعيني في كل مكان ولم أجد شيئاً .. ارتحت بعض الشيء ، قد تكون خرجت .. لم أشأ التفكير في خيار آخر وسامح الله كل من زاد خوفي!

رتبت المكان سريعا ثم زاد اطمئناني فأغلقت النوافذ ، لعلها خرجت حقا

لحظات فقط واستمع صوتها مرة أخرى قريبة من النافذة المغلقة !! انتظرت حتى أغلقت النافذة لتعلن تواجدها

لم أعرف ما الذي يمكنني فعله ، لن أجرؤ طبعا على قتلها ولا أستطيع محاصرتها لتخرج

انتظرت .. طويلا! ، ثم قررت أن أقترب بهدوء .. وفتحت النافذة وتوقعت أن النحلة ذكية وستتمكن من تتبع مصدر انبعاث الهواء وتخرج لكنها بقيت تحوم حوله دون جدوى

ثم قررت أنها ستحب مصباح غرفتي فالتصقت به .. رميته بأكثر من شيء تمكنت من رؤيته أمامي

تطير للنافذة ثم تعود للمصباح ثم للنافذة ..

كان صبري قد نفد .. أمسكت كرة من زوجي جورب ورميتها به فهربت عبر النافذة!

تنفست الصعداء أخيراً .. بقيت فقط جماعة النحل التي ستأتي لتنتهك خصوصية مكاني وملجأي الصغير بعد قليل!

الحشرات بدأت تزداد الآن ، فحرارة الجو صارت أدفأ والنباتات تعبر عن مشاعرها بوضوح في كل مكان

والمقبرة بجواري تحولت لغابة حقيقية لا يمكن تمييز القبور فيها كالسابق ..

قبل يومين وجدي عنكبوتاً صغيراً متسللاً عبر فتحة أسفل الجدار .. فكرت، أي شيء آخر يمكن أن يستخدم الفتحة نفسها غداً!

وأشعر بالحر ! حرارة الغرفة مرتفعة .. لا يوجد تكييف والنوافذ لا يمكن فتحها إلا بمقدار صغير

يوم الاثنين ، أديت اختباري الأول .. في ليالي الاستعداد للاختبارات أحن إلى صديقاتي الحنين الأكبر .. أتذكر سهام وعايدة أيام الجامعة في عمان واستعدادنا معاً ومشاركتنا بعضنا كل المشاعر المصاحبة

لكنني هنا أجبر على ابتلاع قلقي وارتباكي ، وعلى معالجة كل أسئلتي بنفسي حتى وان كان ذلك بتجاهلها فقط

حتى وان تواجد آخرون ، فهم لا يرحبون بالضرورة بأي صحبة أخرى !

ومع هذا ، أديت اختباري بشكل جيد كنت سعيدة به .. وآمل أن أستمر هكذا لنهاية هذه الفترة

الشمس هنا صارت تشرق أوسع وأوسع كل يوم .. لكنها لا تستطيع أن تعدنا بشيء

فهذه الأرض تحب تغيير وجهها في كل حين .. أذكر ظهر يوم الاختبار وأنا أنتظر خارج المبنى وأراجع أوراقي ، كانت الشمس تلهب رأسي وأشعر بالحر وأتساءل عن الحماقة التي قادتني لارتداء معطف اليوم!

لكن وقبل أن أنهي تذمري ، هب هواء بارد وغامت السماء واختلف كل شيء!

على فكرة .. بي الكثير من الشوق اليوم

16:00

19 مايو 2010



Friday, May 7, 2010

لا جديد

هذا المكان يشبه الحبس الانفرادي

حيث لا ترى البشر إلا أطيافاً بعيدة .. مر أسبوعين مذ لامست آخر كائن بشري عناقاً أو حتى مصافحة حقيقية

تتكوم على طاولتي مغلفات الحلوى أسكت بها مرارة الوقت الذي لا يدور ولا يسير

بالأمس ، سحقت عجلة الكرسي ابهام قدمي اليمنى ، شعرت بألم عميق يزلزل ساقي .. زممت شفتي والتحفت فراشي ونمت .. حتى الألم يغدو بلا فائدة عندما تكون وحيداً

النجوم في منامي كانت تهوي .. كمذنبات اصبحت عمياء فجأة .. تسير في مدارات مخروطية انحداراً حتى تصطدم بقوة شديدة مخلفة الكثير من الضجة المدوية والخوف

اليوم خطر لي لو أنني مت هنا .. بعيداً حتى عن التراب الذي ظننتني سأدفن فيه .. هل سيعلم أحد؟

وهل ستخنقني وحدة الموت؟ أم أنني نلت ما أحتاج من تأهيل !

لست أدري ..

* اليوم يكمل ابن اختي 12 عاماً ، فقط لو أنه كان لا يزال على قيد الحياة

13:21

الأرض خضراء جداً في الخارج .. تتبعثر عليها آلاف الزهور الصغيرة الصفراء والبيضاء .. وتكسو الأشجارَ أوراقُها من جديد .. الشمس تصافحنا أكثر كل يوم .. لكن الطقس لا يزال بارداً

13:24