Saturday, November 20, 2010

موسيقى


انتهت عطلة عيد الأضحى

وانقضت معها نزلة البرد العنيفة التي لازمتني لأسبوع!

مر العيد سريعاً ، فيه لاحظت لأول مرة أن الشتاء الجميل زارنا أخيراً .. وبدأت أنسامه المنعشة تتسكع في حينا وتلهو في أروقة المنزل !

يشعرني الشتاء بالسعادة ، شتاء مسقط ، وشتاء القرية .. ينفض حيطاني القديمة فتنتعش وينجلي الكدر كله

**

عدنا للتدريب اليوم

بدأت العمل على البحث المكلفة به ، ينبغي لي أن أقرأ فيه أكثر

فكما يظن أفراد منزلي أنني أعرف أقل ، يظن من بخارجه أنني أعرف أكثر ! وعلي أن أعرف أكثر

*

المختبر هادئ للغاية ، وكأنه ركن في منزلٍ تديره فنيات المختبر الثلاث والشاب الهادئ أكثر مما ينبغي

الكل يتحدث بهدوء .. يدردشون حكايات قصيرة وبسيطة .. يعملون دون إرهاق ! ولا يتكبدون الكثير من العناء

فما لا يتم اليوم ، سينتهي غداً!

اصواتهم بالكاد تُسمع ، والخطوات تجر بعضها جراً على الأرض .. حتى العامل المكلف بأمور النظافة بدا لي غريباً ، شعره مسرح بكثير من العناية والترتيب وهندامه عكس عمله العشوائي ، فتارة يمسح البلاطة قربي وتارة يقفز لتنظيف الحجرة الأخرى قبل أن يعود أخيراً لمسح جارات البلاطة الأولى وهكذا

وكأنه يتعمد العشوائية وفكرة القفز هذه ليصرف وقته الزائد عن الحاجة

يدور هذا المختبر في فلك مختلف لا يشبه باقي الكون ، فالزمن بداخله يتمدد على نفسه ولا يمضي ، والأشياء لا تتجدد ولا تتفاعل

الرفوف مكتظة بالأشياء ، الأجهزة يعلوها الغبار ، حتى تلك التي تستخدم بشكل دوري تبدو لي تغالب النعاس وتتثائب كالعجائز

فكرت أن أكثر ما ينقص هذا المكان هو الموسيقى ، لتعيد إليه توازنه ! تمسكه من يديه وتطير به ليلحق بسرب الكون السيار المتجدد !

غنيت كثيراً اليوم .. عندما لم يكن بقربي إلا زميلتي

كانت الموسيقى تخفق بي ، وأشعر بأنني في مكانٍ آخر ، مكان لا تزاحمه رائحة التمور ولا الغبار ولا الرتابة

مكان يخصني وحدي

كنت أرقص تحت جلدي وبين ضلوعي ، أعزف ألحاناً جميلة ، سمعتها في كونٍ لم أعد أذكره

كنت سعيدة

تمنيت لو أنني أفتح صدري كنافذة يتسلل منها اللحن للمختبر !

وكأني بحيطانه تبتسم ونوافذه تزهر ، وأجهزته تتمايل كضفائر شجرتي المفضلة!

ترقص أناملي على القوارير وطاولات العمل ، وترسم ملائكة جميلة في الهواء!

شعرت بالشفقة ، على الوجوه البائسة .. على الأرواح الساكنة ، وحمدت ربي .. كثيراً!

23:03

20 نوفمبر 2010

الخوف


الخوف

مصطلح العام الجديد ، أو العمر الجديد ، يجتاحنا كمواسم المطر ومواسم الموت .. يحلق أطراف ألسنتنا وكفوفنا وشعورنا ..

وحتى أطراف القلوب أو يزيد !

يقتل بنا البراعم الصغيرة أو يبيد ، يقولب الأجنحة أثقالاً مزخرفة ويرميها في قاع البحر

يطوقنا معاطف ثقيلة ، محشوة .. ولا ينصرف!

يرافقنا قبل أسمائنا ، وقبل أبصارنا .. وقبل أفكارنا ، وكالملاك الحارس ، يطير على رؤوسنا كماردٍ عملاق

وكما يتحسس صداعي من النور ، يتحسس الخوف من الحرية ويتوجس من الحب!

فيتمدد على مساحاتنا يرفس بقدمين من صبار شوكي ، يتوهج جحيما ويبكي ضوضاء عالية ، تخفق في القلب فتسحقه وتتدافع مع أنفاسه

حساسيته مفرطة ، جداً

بعد الخوف ، على الحياة أن تستأذن قبل أن تمضي ، وعليها أن ترتدي مقاسات أصغر بكثير مما اعتادت

وأن تطلب إذنا مسبقاً قبل أن تحلم .. وقبل أن تزهر

وبعد الخوف علينا أن ننتعل شعوراً دائماً بالذنب – دون ذنب - ، فهو يسعد الخوف كلما غنى ورقص!

وتذبل الروح أيضاً كلما غنى ورقص ..

لكن يبقى وحده مصطلح العام الجديد ، أو العمر الجديد ، يجتاحنا كمواسم المطر ومواسم الموت .. يحلق أطراف ألسنتنا وكفوفنا وشعورنا ..

وحتى أطراف القلوب أو يزيد !

22:35

Thursday, November 4, 2010

02


اقترحت على أخي هذا الأسبوع أن ننظم رحلةً في نهايته ،

في جلسة المشاورات التي حضرتها ، قلنا لو أننا نخرج ساعة العصر للبحر ونبقى حتى المساء ، نحضر لحماً مشوياً ودجاجاً

ونلعب ويلعب الصغار

بالامس ، كنت في المركز التجاري وجاء أخي ليشتري اللحم والدجاج للرحلة التي تقرر أن تكون اليوم

هذا الصباح، وبعد نوم كنت تمنيته طويلاً بعد أسبوع حافل بكل شيء ، أيقظتني الخادمة ، بعض العمال يتحققون من أنابيب دورة المياه الملحقة بغرفتي

هربت لغرفة والدتي فجاء أخي المذكور أعلاه يسألني ان كنت قد جهزت ! ، سألت لم أكون جاهزة ! فإذا به يذكرني بالرحلة وأننا سنذهب بعد قليل

إلى وادٍ لا نذهب لسواه

توقفت للحظةٍ أفكر ، ألم تكن للبحر في المساء !!

انتظرت ان ينتهي العمل وقبل أن أجفف وجهي كان بوق السيارة يعلن عن نفسه بانتظاري

شعرت بغضب كبير .. أخذت إحدى روايات منيف وخرجت دون حقيبتي

في الطريق فضلت أن أصمت ، وهناك شرعت في القراءة .. بينما فضل الآخرون السخرية مني لأنني أريد الذهاب للبحر

ولانني غاضبة .. وربما لأنني أشعر بالصداع

المكان يعج بالدبابير والذباب الفسفوري اللون ، وبعض الماء تحت جسرٍ لا تمله الشاحنات الثقيلة

كنت أراقب الجميع ، أبحث عن أسباب متعتهم ثم أعود للاعتقاد بأنني كائن لا اجتماعي ، وغير مرن بتاتاً .. انتقل بين صفحات الكتاب وانعكاس الماء على الجسر

احاول تجنب التعليقات اللاذعة والسخيفة ، لم أكن لأعترض لو كان لدي علم ، لماذا لم أعلم قبل اليوم أن عمالاً سيصلحون شيئاً في غرفتي

ولماذا لم أعلم بأننا سنذهب في رحلة في الصباح ! إلى هذا المكان ! ولماذا لا يمكن انتظاري حتى استعد ، ولماذا ليس بيدي شيء

ولماذا أكون محل سخرية ، ولما ينظر إلي الجميع وكأنني أقل منهم لدرجة أن أحدهم قال أن المارة فوق الجسر سينظرون إلي أقرأ على الكرسي تحته ويقررون فقط لو يبصقوا على كتابي!

حتى صداعي اليوم كان يسخر مني ، يرشقني بأشد أنواع الألم قهراً ولا أملك إلا أن أتظاهر باللا مبالاة .. بأنني بخير وبأنني استمتع

انتظر أن ينقضي الوقت وأعود سريعاً جداً إلى غرفتي

في كل يوم من أيامي الاخيرة هذه ، أتمنى أغلب الأحيان أن يمر الوقت بسرعة ،

أن ينسحب بي سريعاً لمكان اقل اختناقا ، رغم علمي بعدم وجود مكان كهذا

الان أنا لا اريد أن يمر الوقت سريعا.. اريد لو يسرقني النوم ، ولا أصحو

18:12