Thursday, July 16, 2015

تعزية



عندما تكون مطرًا، فأنت لا تهتم بالمكان الذي تهطل عليه، أينما وقعت؛ نفعت!
لا يهم كم تختلف أوعية الناس التي تجمعك، فكل إناء سيحصد منك ما يكفيه، وقليلك للصغير ككثيرك للكبير، والجزء منك كـ كلك!
لكن لنفترض أنك لست مطرًا، أو أنك لم تصبح مطرًا بعد
أو أنك كنت مطرًا ولم تعد
كل ما أنت عليه الآن تمثال منحوتٌ من شيءٍ ما، صلصال ربما أو زجاج أو رخام
الجزء الصغير منك لا يمثل الكل، ولا يمكنك أن تفترض أنك قابل للقسمة والتجزئة لأنها لن تعبر عنك أبدًا
ولأنك –أيًا كانت الرسالة أو المهمة التي تقوم بها- لا يمكن أن تنفع –إن نفعت- إلا بشكلك الكلي، بحجمك كله أيضًا، وبثقلك
حينها، سيهمك جدًا أين يمكن أن تستقر، ستفهم أيضًا أن الأوعية الصغيرة لا يمكن أن تستوعبك، ولا يمكن لجزء منك إلا أن يجعل الأمور أكثر تعقيدًا
لذلك فأنت تفهم أيضًا لماذا ينأى كلك بـ كلك عن كل شيء
ولماذا لأول مرة مُنذ أدركت وجودك، تلوذ بالصمت الطويل
وأن الصمت لا يعني أنك خائف، أو تائه، أو أنك لا تكترث .. لكنك لم تجد الوعاء المناسب، ولا الأرض التي تسعك
أنت فقط تعبر عن نفسك بأبلغ ما تستطيع
أو هكذا أمنّي نفسي!

15:39
16 يوليو 2015
يورك

جبل



كانت تمشي على الأرض، فتسمي الجبال بألوانها، هذا جبلٌ أصفر، ذلك جبلٌ أحمر
وتجعل للصفرة قوة لا تنالها الحمرة
أو للزرقة فضلًا على باقي الألوان
وكانت – بلا شك- ترى في الجبل الذي تسكن فوقه كل شيء
ولا شيء أيضًا
فلما نظر إلى حالها من السماء، (أو ربما من جبله المرتفع حدًا لا يمكن لها أن تراه، أو هكذا هي تظن كما تحب تصنيف الأشياء)، قرر أن .. لا أدري
لكنها لم تعد ترى الآن أي شيء
لم تعد ترى جبلًا
لم تعد ترى لونًا
بات الاصطدام بها يحمل نفس الألم ، وتسلقها يحمل نفس المشقة
لم يعد لشيءٍ فضلٌ على شيء

ولم يعرف أحدٌ أيضًا
إن كان هو أنقذها، أو استعجل عذابها
23:09
يورك

أنا على الأقل



نحن لا نعيش في الوهم فقط
لكننا نظن أننا قادرون على السيطرة عليه، والتكهن به، وهذا وهمٌ أعظم، وأشد غباءً
غرورٌ كبير أن نعطي لحيرتنا تاريخ صلاحية تنتهي بانتهاءه، ونفترض من عقلنا أن يلتزم بهذا التاريخ ومن كل شيءٍ حولنا أن يتواطأ معه
إذن نحن واهمون مغرورون، 
أو أنا على الأقل، 
 
كم من العزاء تحتاج هذه الحياة .. !
23:00
يورك

خيط



قالت لي صديقتي بالأمس أننا: نزداد وعيًا، ولذلك يصبح وقع الأشياء علينا أكبر، الحسن منها والسيء، يسقط فينا أعمق
وظننتُ من قبل أننا إذا صرنا أوعى، لا تعود الأشياء تنالُ منا – يا صديقتي- كما كانت!

..

لا أدري ..
هكذا تبدأ الكثير من القصص في داخلي، والكثير من الأفكار، المعلقة على حبل طويل من المشاعر المختلفة .. تبدأ بـ "لا أدري" كبيرة، وتنتهي بها أيضًا، كغلاف كتاب لا يوجد غيره في مكتبة دماغي القديم

..

كل شخص يمر في حياتي، يربطني به خيطُ صوفٍ طويل .. بعضهم أتشابك معهم بكومة خيوط كثيفة، والبعض يكفيه خيط قطن رفيع، مع الوقت، صارت الخيوط قيدًا ، وصارت حركتي ثقيلة، مرت علي أيام نسيتُ فيها أن بإمكاني أن أتحرك أصلًا، فكل الخيوط تشدني من جميع الاتجاهات بالشكل الذي يجعلني أثبت في مكاني ولا أميل إلا إلى حيث يميلون
ربما رأيت ليلتها أنني أطير، لا أدري، لكنني صرت أصحو بعدها في كل نهار وأقطع كل خيطٍ مربوطٍ إلي دون أن أتوقف للحظة وأسأل عن صاحبه على الطرف الآخر، واليوم، لم تعد هناك خيوط صوف تجعلني أعطس! ولم أعد مضطرة للثبات المتعب،
الذي لم أعرفه، أن كل خيط يُقطع، يُطفئ الضوء المسلط على صاحبه، فلا أعود أراه، وأنني مع الخيط، أقطع جزءًا من ذاكرتي أيضًا، أو أرسله للبعيد، ولأنهم صاروا في منطقة معتمة بعد قطع الخيوط، ولأنهم أيضًا في مكانهم لا يتحركون، مقيدين بخيوطهم الخاصة هم أيضًا، ولأنني صرت أتحرك وأبتعد
لم أعد أراهم، لم يعد هناك ما يشدني إليهم فأميزهم، ولأن ذاكرتي كانت تذوي معهم؛ لم يعودوا شيئًا في عالمي الذي أتحرك خلاله
كلما ذُكروا الآن أمامي، أحتاج لبذل جهدٍ ما لأتذكر، لأجد رابطًا ما هنا أو هناك
عندما أصادف شيئًا من هذا العالم القديم، أقف، أندهش في أحيان كثيرة، أسأل نفسي: ماذا تراني فعلت!؟
كيف صرت هكذا وصاروا!
ما الذي فعلته؟
هل يمكن أنني في يومٍ ما سأضطر للعودة إلى حيث لم أحتفظ لي ولو بخيطٍ واحد؟
كيف تركتُ نفسي لكل هذا؟
ماذا لو وماذا لو وماذا لو .. !
لكن تيارًا باردًا منعشًا يعيدني للحركة، للطيران أحيانًا، يقطع خيطي الجديد مع الفكرة تلك والوسواس هذا
فأنفصل .. وأمضي .. وأعلم أنني لا أجيد العودة أبدًا
22:55
يورك

Monday, July 6, 2015

أسبوع جديد



أما اليوم، فأشعر بالموت يغفو بسلام طافيًا على مقربةٍ مني يوشك أن يلتصق بي
بهالته تحيط بي، أو أنا أحيط بها .. بكل الأسباب تذوب فيها، بكل شيء يتلاشى إذا ما لامسها ويصير هباءًا منثورا
حتى قوتي تذوي، تذوب كغزل البنات على اللسان، وأبقى على فراشي حتى أصير شيئًا منه
يفترض بأن أبدأ اليوم أسبوعًا جديدًا، لكن يبدأ بي الموت هذا الصباح، ويستمر بي حتى المساء، ولا يبدو لي أنه ينوي رحيلًا قريبًا
ربما سيتمزق الكون منهيًا نفسه بعد 22 مليار سنة، ربما سينكمش على نفسه، كما ينكمش دماغي الآن واهنًا، يمكن أن يحدث للكون أشياء كثيرة، يقولون بأنه سيعيش لعمر 35 مليار سنةٍ ونصف
سيموت شابًا هذا الكون
هو أيضًا لابد له همومه، له آماله، له طريق
على ذلك المستوى البعيد الذي لا يمكن لأنفاسي المجهدة أن تصل، يتساوى كل شيء
عمري أنا وعمر الكون
حلمي أنا وحلم الكون
أخطائي أنا وفضائل الكون
ارتخاء عنقي المجهد وطاقة انفجار الذرات في الفضاء
وحين تتساوى الأشياء، لا تعود لها قيمة، فتتلاشى، باختصار، لا يعود شيء سوى الموت ليبقى
وأنا أشعر بهذا الموت اليوم قريبًا جدًا مني، يوشك أن يلتصق بي
وعنده يتوقف كل شيء ويتساوى فيتلاشى
فلا أرغب بشيء ، ولا يرغب بي شيء .. وتذوي قوتي أيضًا
يفترض أن أبدأ اليوم أسبوعًا جديدًا، لكن عوضًا عن ذلك .. قرر شيءٌ بي أن ، يموت !

14:37
يورك