Saturday, April 24, 2010

سفر


أفقت من الحلم اليوم

بالأمس غادرت عمان، استيقظت سريعاً لأنهي توضيب حقيبتي وأسلم على جارتنا التي كانت تتوق لرؤيتي مذ وصلت ولم أرها سوى قبل رحيلي بساعات قليلة فقط!

ثم توجهت للمطار بصحبة أمي وأخي وأختي الصغرى ، لا أدري ما كان الشعور الذي راودني ساعتها .. لربما كان مزيجاً من عدة أشياء ، ما كنت اعرفه جيداً أنني لا أريد الذهاب ورغم هذا كنت قد حشوت دماغي بأسباب جميلة كثيرة ترفع من معنوياتي

أنهيت الاجراءات وجلست معهم لا أدري نودع بعضنا أم فقط نستبقينا معاً ولو لدقائق

كنت جائعة فلم أكن قد تناولت أي شيء منذ الصباح ، واسيت نفسي بأنني سأشتري طعاما بعد وداعهم وقبل توجهي للبوابة الأخيرة ولكنني كنت قد تأخرت ، كنت المسافرة الأخيرة ، ركبت الحافلة وتوجهنا للطائرة ، وهناك اتصلت بي سندس!

كنت أسمع صوتها والجدار الذي بنيته ليقويني يتداعى مع كلماتها ويبكيني!

ابتلعب بكائي بقوة خجلاً من الاشباح المكتظة حولي ، ثم حدثت هديل .. حافظت على قوتي ووصلنا الطائرة .. أقعدوني في الوسط بين رجلٍ وامرأة

شعرت بأنني محاصرة .. ومخنوقة .. بحثت عن المضيفة وسألتها نقلي والبحث عن من يرضى بمقعدي!

وسريعاً أخبرتني أن رجلاً يريد الانتقال من مقعد االنافذة فتبادلنا ، وبجواري شاب من الجالية الهندية سرعان ما أبدلوه بطفلة صغيرة يجلس والديها أمامنا ولم تشأ أن تبتعد عنهم كثيراً!

كنت جائعة ومشوشة وحزينة بعض الشيء ، حلقت الطائرة فوق البحر ولم استطع توديع المدينة

لم اشعر برغبة في القراءة ولا حتى في النظر للخارج ، شاهدت فيلماً وتناولت طعامي ثم تصفحت اوراق الدراسة التي أحضرتها معي وشرعت في قرائتها

الطيران فوق إيران وتركيا لم يكن مريحاً أبداً .. كانت هناك الكثير من المطبات الهوائية والضجة التي أشعرتني بالصداع .. وأشعرت الفتاة الصغيرة بالدوار والغثيان الذي منعها من تناول الغداء أو الاستمتاع ببرامج الاطفال قبل أن تنام واضعةً رأسها على رجلي

وبعد أن هدأت السماء من حولنا أدرنا هواتفنا الخليوية واشتركت بخدمة الانترنت وتحدثت مع صاحبتي وأخي لنهاية الرحلة .. كنت أفكر في أمور كثيرة لا أذكرها الآن ، وكأنني دون قصد أقصيت وعيي بعيداً جداً واستعضت باللاوعي ينسج واقعي حولي بخيالاته الغريبة الطوار

بعد وصولنا للمطار ، فوجئت بأعداد المسافرين الكبيرة وازدحام المكان !

أنهيت اجراءات الوصول وذهبت لاستلام حقيبتي ، ورغم أنها صغيرة وليست ثقيلة إلا أنني لم أستطع أخذها عن الحزام فساعدني شاب عماني مسافر مع زوجته واتجهت لأقرب جهاز لسحب بعض النقود ومن ثم البحث عن سيارة أجرة

هناك هاتفت أمي وأبي .. واختليت بروحي قليلاً .. تجولت بنظري عبر النافذة ..

حتى في النهار ، تبدو لندن كئيبة بالنسبة لي .. مبانيها جميلة لكن حياتها فقيرة .. ربما لأنني لا آتيها إلا عبوراً سريعاً .. ربما!

تذكرت ابن اختي فجأة ، وقد توفي صغيراً في هذه المدينة ، لمست زجاج نافذة السيارة بيدي وكانت باردة

وتخيلت روحه تخرج هنا فتصفعها موجة البرد وتعرض عنها ملامح المدينة الغريبة التي لا تعرفه

تطير روحه الصغيرة غريبة .. وربما تبكي!

بعد حوالي 40 دقيقة وصلت لمحطة القطار .. بقي حوالي نصف ساعة على موعد قطاري

توجهت لجهاز التذاكر أصرف تذكرتي التي حجزتها مسبقاً ، ولمفاجأتي وحظي التعيس اكتشفت أنني أضعت رمزها ، هاتفت أخي ليبحث عن الرمز في بريدي الالكتروني وحسابي في موقع الشركة لكنه لم يجده

اضطررت لشراء تذكرة جديدة قبل أقل من 10 دقائق على موعد الرحلة وذهبت ..

القطار أيضاً مزدحم بعض الشيء ، لكنني وجدت مقعداً بسرعة ومكاناً كافياً لحقيبتي

فتحت كتاباً حملته معي وشرعت بالقراءة بينما أستمع لماهر المعيقلي يقرأ سورة البقرة عل نفسي تهدأ

مع توجه القطار لمحطتي الأخيرة بدأت معنوياتي تخونني تريجياً .. وبدأت كل مشاعري االسلبية تصحو من سباتها

بدأت رسائلها المشبعة بالاخفاق والفشل والانطواء والوحدة والغربة تهطل على رأسي .. حاولت نفضها ولم استطع

وصلت للمدينة بعد منتصف الليل .. كان الجو بارداً جداً .. وكان علي حمل حقيبتي على سلم طويل والنزول بها!

لكن صوتاً عربياً بلهجة عراقية ناداني وعرض علي المساعدة ، كان شاباً مستعجلاً لكنه حمل حقيبتي وأنزلها وتركها لي وانصرف!

شعرت بأنها دعوات أمي لي وابتسمت .. ثم اتصلت بشركة الأجرة لترسل لي سيارة

انتظرتها ربع ساعة تقريبا ولم تصل .. اتصلت مرة اخرى لكن على ما يبدو كانت الموظفة مشغولة جداً ولديها ما هو أهم مني فلم تستمع لي للنهاية وأقفلت الخط ..

كنت محبظة بما فيه الكفاية وجائعة إذ لم أتناول شيئاً منذ وجبتي الأخيرة في الطائرة ولم أتناول قبلها شيئاً في المنزل!

كل المحلات ف االمحطة مقفلة ولابد ستكون كذلك حيث أسكن ، أخذت سيارة أجرة من أمام المحطة وتوجهت لمنزل عمي ، ف مفتاح غرفتي معه وأعتذر عن المجيء للمحطة ، انتظرني أمام منزله ، سلمني مفتاحي وعدت لغرفتي االصغيرة الباردة والفارغة حتى من ماء الشرب

مع وصولي إليها ، تحطمت آخر السدود .. وبكيت طويلا .. وضعت فراشاً سريعاً على السرير ونمت أحلم بيوم ومعنويات أفضل

نمت عميقا حتى انني صحوت لا أعرف أين أنا .. كنت جائعة طبعاً وأشعر بأن لا قوة لي للخروج لشراء الطعام! تصفحت مواقع المطاعم القريبة لكنهم لا يوصلون الطعام في النهار

انتهيت لموقع مركز تسوق قريب يوصل البقالة للمنازل فطلبت ما أحتاج إليه ليصل غداً ، ثم استجمعت قواي وخرجت لشراء غداء خفيف وماء وزبادي وحليب

تناولت طعامي .. رتبت غرفتي وأفرغت حقيبتي ، وضعت فراشاً نظيفاً .. قرأت البريد .. كلمت أبي وأختي وراسلت أمي

لكنني لا اشعر بتحسن كبير

!

20:19

المنفى


Sunday, April 18, 2010

2


من قلب كل الجنون .. وصوت عبدالمجيد يغني "هيبة ملك" وديوان ريم كبة .. أجلس للكتابة

أربع نوافذ محادثة تتناوب في تشتيتي .. وكثير من الأفكار الغير معنونة

وأفكر في سفري الغير مؤكد .. مطارات الفرنجة مغلقة حتى إشعار آخر .. وموعد سفري الاثنين

لعل الأرض كعادتها استمعت إلي وقررت أن تصنع سماءً من الدخان تسقط على أرضهم تمنع طائراتهم من حملي إليهم

لعلها أرادت لي المزيد من الياسمين ودفء أمي!

أرضي الصغيرة تتمادى في تدليلي أحياناً .. لعلها تخشى أن أقرر تركها يوماً

وأن يتملكني ذلك الشعور القديم

وهو ليس بيدي أيتها الأرض .. لم أملك بعثه ولا أملك إخماده ..

وكمجمر أمي يعتم أمامي كل شيء إلا رقص أدخنته .. ويملأ جوفي بالحرقة

أفلتيني أيتها الأرض .. أرجوك!

ولا ترسلي دخان براكينك إلى حيث يمكن أن يكونوا يمحو علامات الطريق .. لا تفعلي

ففي داخلي الكثير من الحنين

01:12

Sunday, April 11, 2010

7

الأيام التي ترافق الشمس لأراضيها البعيدة لا ترافقها حقاً ولكنها تتراكم في داخلي كسدٍ كبير

والأيام التي ستأتي أثقل على قلبي من قلب المجرة

قبل عودتي .. كنت أحيا هناك لأعود .. أقرأ على نفسي كل ليلة وعداً بالاستيقاظ تحت الشمس واستنشاق البخور والبحر .. وأتيت لا أحمل في جيوبي أي شيء يشي بسفرٍ آخر

وكنت أتمنى لو تسقط السماء على ذلك االجزء من الأرض فيختفي

أو أن يأتوا من السماء ليختطفونني عاماً على الأقل .. ولكن خيالاتي الغبية بقيت أعجز من أن تتحقق وها أنا ذا تنسحب مني الساعات والليالي

بقي اسبوع فقط!

وبعدها أعود للمنطقة المعدومة اللون والطعم والرائحة والمكتظة بالكآبة المرة والطقس المجنون والشوارع الرتيبة والوجوه الفقيرة المعالم والملامح

حتى كتبي الجديدة لا تغريني بالسفر لوحدةٍ لا تجمعني إلا بها

..

أذهب هنا كل صباح لمكتبة الجامعة .. صمت ثلاثة أيام .. واليوم رأيت في منامي بعد الظهر أصنافاً كثيرة من الطعام – يبدو أن جوعي كان أكبر مما ظننت - .. ومن ضمن الولائم ، مائدة شهية لي وحدي شرط ان اجتاز التنين الضخم الجاثم أمامها!

كنت أراقب عيونه المسلطة على الطعام وتراقبني معدتي المتضورة .. لكنني صحوت قبل أن أتقدم ولو خطوة!

البيت هنا لا يهدأ .. يجمع لي كل ليلة وجوه أحبتي الصغار منهم والكبار .. وأنا لا أريد أكثر من ذلك أغلب الوقت

سندس الصغير وعمرها عامين واربعة أشهر تسألني كل يوم ان كنت سأذهب في الطائرة مرة أخرى، وان كنت سآخذها معي لأنها تريد ذلك! ثم تصمت وتقول : لا تلوحي! (لا تروحي)

أما هديل وتصغرها بأربعة أشهر فتلوح لكل طائرة تراها ، وعندما أسألها من فالطائرة؟ تجيبني : انتي!

وأتمنى لو أنني أستطيع حقاً أن أكون في المكانين

علي إنهاء تقاريري قبل نهاية الاسبوع بالاضافة لعدة زيارات وجولات تسوق ..

وأريد الذهاب للعب البولينغ وزيارة البحر ..

زرته الأربعاء الماضية .. لكنني لم أقترب منه كثيراً .. ولا أدري لماذا!

كانت هناك مراجيح كثيرة .. لعبت عليها كالأطفال أتسابق مع أختي ونضحك ..

لكننا لم نطل الجلوس فقد أزعج البعوض أهلي وعدنا .. في اليوم التالي احتفلنا بذكرى ميلاد هديل

لم نخطط للحفل ولم نشتر لها هدايا ، ولم تكترث .. فقد كان أكبر همها ، إطفاء الشمعة !!

ولم تنتظر لتتمنى شيئاً .. فعمرها كله أمنية وحياتها حلم سعيد .. تساءلت ساعتها .. لو أنني تمنيت ساعة اطفائها الشمعة ،

هل يتحقق لي حلمٌ ببراءة عمرها !

23:19



Saturday, April 3, 2010

OmAn

عُمان!

وأخيراً أنا هنا .. مر 13 يوماً ولا زلت أشعر بأنني في حلم ، لا أتمنى الاستيقاظ منه

في ساعات كثيرة ، تهمس لي نفسي فجأة: أنتِ هنا! ، فأنظر حولي وتسري بقلبي قشعريرة باردة صغيرة

كالأحلام التي كانت تراودني في تلك المدينة البعيدة ، أستيقظ منها على جدران غرفتي الباردة

ولكنني هنا الآن .. أراهم حولي ولا أصدق أنهم ليسوا أطيافاً .. الرائحة حولي رائعة ، ورغم حرارة الجو الشديدة أحياناً إلا أنني أحب الشمس وأحب الهواء الساخن وأحب ملاحقة الظلال وأعشق الياسمين!

عندما وصلت ، استقبلتني أمي واحتضنتني ، دخلنا معاً فعانقتني رائحة البخور ، قالت أمي أنها بخرت المجلس خصيصاً من أجلي ، إذ لابد اشتقت لروائح بيتنا المميزة!

لا شيء يثير بي إحساس وجودي هنا كما تفعل الروائح .. أبداً

بعد ظهر الأربعاء ، توجهنا إلى القرية .. كان الجو معتدلاً جميلا ،

محطتنا الأولى كانت المزرعة وهناك قطف لي والدي ثمار المانجو الخضراء الحامضة وبعض ثمار الفرصاد ، ثم زرنا جدي وجدتي .. كانت جدتي تجلس شرق منزلها مقابل الشاطئ ، يخفق قلبي كثيراً لدى رؤيته – أي البحر! .. بقينا معها وتوافد علينا بعض الأقارب .. كانت عيوني معلقة عليه وعنده وبقربه لا تفارقه ..

أتنفس نسيمه بقوة فتنتفض روحي وتبكي! اشتاقت إليه أكثر مما يجب!

في المساء اجتمعوا كلهم لتناول العشاء معاً ، لكنني بقيت في المنزل حيث تنام أختي الصغيرة ومعي ابنة عمي نتبادل أخبار العالم من حولنا ، مدهش كيف يمكن لكل تلك الأخبار والقصص أن تجد طريقها إليك في ذلك الوقت القصير!

انتهى عشائهم قبل منتصف الليل بساعة تقريباً ، وتسللنا ساعتها لنخرج مع عمي ، نبحث عن مطعم مفتوح ، وجدنا مطعماً أخيراً ، لم أره من قبل ، وجباته لذيذة .. أخذنا الطعام وبحثنا عن مكان نتناوله فيه ، فالمطعم كان يوشك على الاغلاق ، وقررنا أخيراً أن نتناول طعامنا على الشاطئ خلف المنزل ، حيث يستريح قارب عمي الآخر!

بدر تلك الليلة كان يحرسنا .. وتحته يرقص البحر ويغني الرمل وأحلم!

كنت معهم ولم أكن .. أنهيت عشائي وتمددت على الرمل أتنفس مغمضة العينين لأفتحهما على السماء

ونجومي الحبيبة!

تذكرنا كيف كانت سماء قريتي مجلساً كبيراً جداً تجتمع فيها أهم نجمات السماء كل ليلة للتشاور في أهم حكايا الأرض ، وكيف كنت أقضي الساعات في المشي على الشاطئ ليلاً واستراق السمع والنظر إليها !

لكنهم يسلبوننا شاطئنا وسمائنا .. والأمان الذي كنا نظنه!

عدنا متأخرين ليلتها .. وسهرت أتحدث مع ابنة عمي التي بقت ليلتها في منزلنا ، نمنا فجراً ..

وعدنا في موعد الغداء إلى مسقط!

يومها أعد إخوتي حفلاً كبيراً في المنزل مع كثير من الأصناف والمشاوي .. والكعك أيضاً

وأعددت صحن كنافة .. رغم أنني لا أهوى الطبخ حقاً ولا أجيده ، لكن ليس من الصعب تتبع الكتب!

قبل أسبوع من الآن ، أصبح لي ابن أخٍ جديد .. سموه "يزيد"

جميلٌ جداً .. يأسر قلبي كلما رأيته .. أحببته كثيراً!

وفي يوم ولادته ، سألتني ابنة اختي وعمرها 7 سنوات – كانت تمثل دور المعلمة وأمثل لها دور التلميذة- عن شيء موجود تحت الأرض!

أجبتها بكل مكونات الكوكب لكن كل اجاباتي كانت خاطئة ..

قالت لي : ألا تعرفين أن تحت الأرض يوجد مغناطيس كبير جدا ؟ وهو يجعلنا نلتصق بالأرض ولا نطير؟

قلت لها : تقصدين الجاذبية؟

قالت لا! اسمه مغناطيس ، لماذا لا تدرسين جيداً!؟

تأملت منزلي ساعتها ونحن نلعب خارجه .. فشعرت أنه المغناطيس الكبير هذا وأنني مشدودة إليه جداً ..

يجذبني من شراييني ودمي .. ويجعل ابتعادي عنه مؤلماً!

كلما فكرت بأمر العودة ، شعرت بمغصٍ في معدتي ، يشبه المغص الذي يشعر به طالب يُجبر على دخول قاعة اختبار لم يعد له!

لذلك فضلت أن لا أفكر . . وأن أملأ كل ما يمكنني مني بكل ما هو هنا! حد التخمة ، ولا أبالي إن وصلت لحد الموت أيضاً!

أما اليوم .. فقد كان طويلاً ..

صحوت مبكرة ، وذهبت للمطار حيث أنتظر وصول صديقتي .. لكنني لم أرها .. ولم ألمح والدتها ..

ولما طال بي الوقوف وطاردتني العيون الفضولية ، ترددت ثم عدت أدراجي أخيراً .. ورغم أن روحي لامتني كثيراً بعدها إلا أن الوقت كان قد تأخر ولم يكن بإمكاني العودة !

ثم مررت على العيادة والمركز الصحي أستجديهم فحص دمي ، فأطرافي بدأت تخونني وتلعب نط الحبل بعروقي .. لربما كان وسواساً فقط ، ولكنه مؤلم!

بعدها قررنا الذهاب لمركز المدينة "السيتي سنتر" لتناول الغداء حيث يمكن لأختي الصغيرة أن تلعب ، كنت قد وعدت ابن اختي (4 سنوات) بأنني سآخذه معنا ولكن كان قرارنا اليوم متأخراً فأرسلت لأمه أن ليس لدينا ما يكفي من الوقت للمرور لأخذه وأنني سآخذه في وقت لاحق .. بعدها بدقائق فقط وصلني اتصال من رقمها ، كان هو ، مودي – كما نسميه- وفي صوته بقايا بكاء وغضب!

قال لي بأنه مستعد وقد ارتدى ملابس جميلة ويريد الذهاب معنا!

ولما لم أكن أحتمل أن أخذله طلبت من السائق أن يحضره لنأخذه ..

لعب الصغار وتناولنا الغداء وعدنا .. وبقي مودي معي!

لم يرضَ أن يأكل رغم جريي خلفه ولعبي والقصص التي حكينا وغيرها .. فأخذته لينام

واستمرت محاولاتي ساعة ونصف ..

فهو لن ينام قبل سماع قصة ، ولما كنت أمتلك قصص أطفال حكيت إحداها له ، ثم طلب أن أقرأ له من فمي! يقصد بدون كتاب ، قصة من الذاكرة! فحكينا

ثم قال بأنه يريد مزرعةً في الجنة! وأخذ يردد "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" حتى اطمأن أنه غرس أشجاراً كثيرة في الجنة يمكن أن تكون مزرعة

بعدها قال بأن أمه تقرأ له المعوذات قبل النوم وأنه لن ينام لأنني لا أحفظها فقرأتها له ..

لكنه بقي يتملص مني حتى احطته بذراعيّ كالحزام وشددته لي رغم كل محاولاته للهرب حتى نام!

قال لي اليوم بأنه يحبني بكثرة السيارات في العالم! وقال بأنه لا يريد مني أن أسافر من جديد

سألته : تسافر معي؟ ، فقال بلهجة عجوز يائس: أتمنى والله ، أتمنى!

تضحكني أفكار هذا الطفل .. أرانا اليوم رجله .. وقد رسم عليها خطاً طويلاً من أصابع قدمه لينتهي بخطين افقيين عند الركبة ودائرتين صغيرتين ، قال بأنه "ليت شارع" وأنه يرسم كل يوم مصباح شارعٍ مختلف!

خياله خصب ، وشقاوته جميلة .. وأنا ، أحبه كثيراً!

جئت أصلاً للكتابة عنه .. أما ما أشعر به هنا .. فلا أدري ..

هو عصيٌ جدًا على التعبير .. وعلى البوح

23:13

مسقط