انتهت عطلة عيد الأضحى
وانقضت معها نزلة البرد العنيفة التي لازمتني لأسبوع!
مر العيد سريعاً ، فيه لاحظت لأول مرة أن الشتاء الجميل زارنا أخيراً .. وبدأت أنسامه المنعشة تتسكع في حينا وتلهو في أروقة المنزل !
يشعرني الشتاء بالسعادة ، شتاء مسقط ، وشتاء القرية .. ينفض حيطاني القديمة فتنتعش وينجلي الكدر كله
**
عدنا للتدريب اليوم
بدأت العمل على البحث المكلفة به ، ينبغي لي أن أقرأ فيه أكثر
فكما يظن أفراد منزلي أنني أعرف أقل ، يظن من بخارجه أنني أعرف أكثر ! وعلي أن أعرف أكثر
*
المختبر هادئ للغاية ، وكأنه ركن في منزلٍ تديره فنيات المختبر الثلاث والشاب الهادئ أكثر مما ينبغي
الكل يتحدث بهدوء .. يدردشون حكايات قصيرة وبسيطة .. يعملون دون إرهاق ! ولا يتكبدون الكثير من العناء
فما لا يتم اليوم ، سينتهي غداً!
اصواتهم بالكاد تُسمع ، والخطوات تجر بعضها جراً على الأرض .. حتى العامل المكلف بأمور النظافة بدا لي غريباً ، شعره مسرح بكثير من العناية والترتيب وهندامه عكس عمله العشوائي ، فتارة يمسح البلاطة قربي وتارة يقفز لتنظيف الحجرة الأخرى قبل أن يعود أخيراً لمسح جارات البلاطة الأولى وهكذا
وكأنه يتعمد العشوائية وفكرة القفز هذه ليصرف وقته الزائد عن الحاجة
يدور هذا المختبر في فلك مختلف لا يشبه باقي الكون ، فالزمن بداخله يتمدد على نفسه ولا يمضي ، والأشياء لا تتجدد ولا تتفاعل
الرفوف مكتظة بالأشياء ، الأجهزة يعلوها الغبار ، حتى تلك التي تستخدم بشكل دوري تبدو لي تغالب النعاس وتتثائب كالعجائز
فكرت أن أكثر ما ينقص هذا المكان هو الموسيقى ، لتعيد إليه توازنه ! تمسكه من يديه وتطير به ليلحق بسرب الكون السيار المتجدد !
غنيت كثيراً اليوم .. عندما لم يكن بقربي إلا زميلتي
كانت الموسيقى تخفق بي ، وأشعر بأنني في مكانٍ آخر ، مكان لا تزاحمه رائحة التمور ولا الغبار ولا الرتابة
مكان يخصني وحدي
كنت أرقص تحت جلدي وبين ضلوعي ، أعزف ألحاناً جميلة ، سمعتها في كونٍ لم أعد أذكره
كنت سعيدة
تمنيت لو أنني أفتح صدري كنافذة يتسلل منها اللحن للمختبر !
وكأني بحيطانه تبتسم ونوافذه تزهر ، وأجهزته تتمايل كضفائر شجرتي المفضلة!
ترقص أناملي على القوارير وطاولات العمل ، وترسم ملائكة جميلة في الهواء!
شعرت بالشفقة ، على الوجوه البائسة .. على الأرواح الساكنة ، وحمدت ربي .. كثيراً!
23:03
20 نوفمبر 2010