Friday, June 26, 2015

لعبٌ ولهو



حتى وقد كبرنا
فنحن لا نزال نلعب، كل الألعاب التي تخيلناها ونحن صغار، ومثلناها بالعرائس والصور، نمارسها الآن على نطاق أكبر
لكن عوضًا عن أن تكبر المتعة أيضًا، صرنا نطرز كل لعبة منها بالخوف والشك والتردد، نستميت من أجل الفوز، لأجل الفوز، ننتقل من لعبة لأخرى دون أن نكملها، وأحيانًا دون أن نلعبها حقًا، نتجاهل اللاعبين الآخرين، أو نغشهم لننتصر عليهم، نوقعهم أرضًا، نسرق طعامهم وأشيائهم، بعنفٍ أكبر وأقسى
نلعب الأدوار التي كنا نمثلها ونحن صغار، وأدوار أخرى جديدة بتفاصيل أعمق، أجمل أحيانًا وأبشع أحيانًا أخرى،
أما أنا، فلا زلت كما أنا، أحب اللعب وحيدة في أكثر الأحيان، أحب أن أعطي عيوني بعض المساعدة لترى أشياء أكثر وأجمل وأكثر دهشة وسحرًا، في كل يوم، تغدو اللعبة أجمل وأكثر متعة، إنني أستطيع أن ألمس الآن وأشعر بكل ما تخيلته وأنا أقصر قامة من الآن، كل ما يتجلى لي، يمنحني الفرصة لأرسم غيره أجمل منه
لا أحب ألعاب الآخرين كثيرًا، لا أحب الغش، ولا أحب العنف، ولا أحب البؤس أيضًا
أتمنى لو بإمكاني أن أصنع ملعبًا جديدًا شاسعًا لكل أولئك المحرومين منه، أن يكبر غدائي ليكفينا جميعًا، أن نصنع ثُقبًا في صدور اللاعبين المتنمرين نمرر منه الحب إليهم
لا يبدو من العادل أبدًا أن يكون طبيعيًا أن لا نحصل جميعًا على حق اللعب نفسه، أو أن نحصل عليه ثم يُسلب منا
أشياء كثيرة لا تبدو عادلة، مذ كنا صغارًا، لكنها الآن كبرت أكثر، ولم يعد يمنعها سلطة المعلمات أو حضن الأمهات، لم أعد أستطيع التظاهر أكثر بأنها لا تحدث، ولا أستطيع أيضًا أن أطرد الحزن عليها من قلبي بالبكاء
ربما نحن نكبر، ونغدو أطول وأثقل، لنتمكن من استيعاب هذا العالم دون أن يفتك بنا
لكنها خرافة لا أكثر، حتى عندما لا أريد أن أكتب حروفًا معتمة، لا أستطيع، لكنني أيضًا أؤمن بأن هناك من الحب ما يكفي لنعيش يومًا آخر، ونلعب لعبةً أخرى
17:09
يورك