قيل لي بأن أكتب وأن لا أدع للحياة فرصة لتقييدي والفتك بأطرافي الممدودة للأدب وأرواحه الجميلة ، وجئت أجرب الآن ، أكرمش قدمي وأمدهما أزيحها كبطانية ثقيلة حتى تتدلى بعيداً وانكشف على نفسي دونها ، وحين أفعل لا أجد أمامي سوى الفتاة الصغيرة ذاتها ترقص حول نفسها في دوامات لا تنتهي بذراعين ممدودتين
تدور لا تحملها أرض ولا تنتعلها سماء ، الفراغ الذي أتهم نفسي به أبداً ، أنكر عليها كل ما تقرأ وترى ، أنكر عليها حواسها الخمس ، وتبقى الطفلة ، غير آبهةٍ بفحيح اتهاماتي يصوب ألسنته المحزمة بالأنياب تجاهها ، تدور وترقص .. وترقص وتدور!
تحاول الحياة البطانية أن تتسلق أطرافي ثانية ، أنفضها وتسقط ولا تأبه الطفلة .. ثم تبدأ بالغناء ، فلا أسمعها ولكن أراها تغوص بين ألحان زرقاء بلون السماء ، أبلل أذني بصلاةٍ عميقة ، وأعيد عجنها لتستطيل أكثر لكن شيئاً لا يصل ، فتذبل أذني مظلةَ يأسٍ وتخبو ، تتمسك بها الحياة علها تطفو ، أنفضها ولا تتوقف الطفلة
تنمو خلفها تراتيل ، وهي اشجاري المفضلة تصطف على طول جدار منزلنا وتترنم تمايلاً ، تنمو على اللحن ، تتشربه وتورق ، تتشربه فتنخطف ترنيمةً طويلة ، وترقص الطفلة .. ترقص
عندما أزيح الحياة كما يطلبون ، فأنا لا أرى سوى الطفلة تدور حول نفسها .. أرى ألحانها الزرقاء .. وأرى تراتيل
ومن حيث أقف ، يصعب علي فك طلاسم دورانها ، وتبيان مركزه
ولا أدري ماذا أكتب!!
22:45
5 مارس 2010
سفينة نوح
No comments:
Post a Comment