Wednesday, January 27, 2010

وسواس




الساعة 05:40 صباحاً

وحضرتي لم يغمض لها جفن الليلة ، كنت أحاول إغماض عيني فتنفتح على مصراعيها

ولا أتمكن من مقاومة رياح الأفكار العاتية ، أشرعتي الغبية لم تجد إلا الليلة مكاناً لإثبات فعاليتها!

والسقف العالي المتين الذي بنيناه لأيام أوقعته السيول على رأسي وظهري

كل الصفوف عادت للوراء، وبعضها دُفن حيث اعتدت أن أراه واقفاً!

أعراض القلق ذاتها ، القديمة التي كنت قد نسيتها عادت

عصرَت معدتي وأطاحت بتوازني حطباً تشعله أسفل صداعي لتزيده التهاباً

وتسكب من أدخنته ما يسد ثقوب الجروح المفتوحة

أشعر بالتعب يا أبي

أكثر من أي وقت مضى .. وأشعر برغبة قديمة جداً .. تناسيتها هي الأخرى

الرغبة في النوم دون أن أستيقظ أبداً إلا في يوم آخر لا يوم بعده!

أسمع صوت ماء يهطل بقوة على الأرض في أرجاء غرفتي والمطبخ من حين لآخر وأثاث يصدر الكثير من الضجيج

لكنني لم أكترث ..

انعجنت وحيدة بهذه الغرفة الملقاة على هامش الكون حتى صرت منها ..

مزهرية من فخار أعوج

تزورني وساوس كثيرة يا أبي ، أكثر من أن نحصيها سويةً

وأكثر مما يمكن أن تحتمل استماعه .. وكثير منها يحمل الخناجر والبنادق ويطلب ثأراً لا يشبهني

لماذا لا تتوقف الأرض خلال دورانها يا أبي؟

لماذا لا تستريح؟

ولماذا لا تدور في الاتجاه المعاكس أحياناً؟

يراودني احساس ان اتجاهها هذا قلم رصاص ، واتجاهها الآخر ممحاة كبيرة

لكن أمها لم تعلمها كيف تستخدمها ، ببلادة دفعتها لتدور ولم توقفها لحظة ولم تلتفت إليها

وحين تدور فهي تقذف بالشمس من يدها اليمنى ليدها اليسرى ..

لكن لم يخطر للشمس ان تقف للحظة وتنظر للأسفل ، خافت أن يصيبها الدوار

فالدوار مخيف جداً يا أبي، أعرفه، وأحفظ شكل وجهه

ويمكنك رؤيته بين عينيّ الآن

ولكن ماذا لو أصاب الدوار السماء؟ هل سيتساقط الموتى على رؤوسنا؟

ولماذا لا تنام العصافير هنا ،بابا؟

فهي تنقر تغريدها في جمجمتي

أنظر! أصبح رأسي كالمنخل الكبير ، لا تجتمع فيه حتى جملة واحدة!

ولماذا أنا هنا يا أبي حيث يمكن لكل الأشياء أن تتآلب على وجودي ..

وأن تكبر كثيراً جداً مستمدة ذلك مني بينما أغدو قزماً أقصر كل مرة!

صغيرتك متعبة يا أبي .. منهكة جداً ..

وأنتِ يا أمي .. ارسميني على سجادتك صلاةً صغيرة .. لعلي تقبلني السماء !

05:58


No comments: